الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***
قلت أرأيت ما اشتريت وانقلبت به من جميع السلع الطعام وغيره من كل ما يتبايع الناس من دار أو أرض أو حيوان أو رقيق أو غير ذلك فبنت به وزعمت أني قد دفعت الثمن وقال البائع لم تدفع إلى الثمن قال قال مالك أما ما كان من البيوع مما يتبايعه الناس على وجه الانتقاد شبه الصرف مثل الحنطة والزيت واللحم والفواكه والخضر كلها ومما يبتاع الناس في أسواقهم مما يشبه هذه الأشياء فإن ذلك مثل الصرف فالقول فيه قول المشتري وعليه اليمين وما كان مثل الدور والأرضين والبزور والرقيق والدواب والعروض فإن القول في الثمن قول البائع وعليه اليمين وإن قبضه المبتاع فلا يخرجه من أداء الثمن قبضه وبينونته به إلا أن يقيم البينة على دفع الثمن وإلا فالقول قول البائع وعليه اليمين. قلت أرأيت إن أسلمت إلى رجل في سلعة من السلع فادعيت أن الأجل قد حل وقال الذي عليه السلم لم يحل الأجل قال قال مالك القول قول البائع الذي عليه السلم إذا أتى بما يشبه ولم يدع ما لا يشبه من آجال السلم. قلت فإن أتى المسلم إليه بما لا يشبه قال قال مالك أرى أن القول إذا كان هكذا قول المبتاع الذي له السلم إذا أتى بما يشبه قال وذلك أن مالكا سئل عن الرجل يبيع السلعة بثمن إلى أجل فيبين بها المشتري فتفوت فيقول البائع بعتكها إلى أجل كذا وكذا ويقول المبتاع بل اشتريتها منك إلى أجل كذا وكذا لأجل أبعد منه قال القول قول المبتاع. قال ابن القاسم وذلك عندي إذا أتى بما يشبه وإن لم يأت بما يشبه فالقول قول البائع. قلت أرأيت إن أسلمت إلى رجل فقلت إني ضربت للسلم أجل شهرين وقال المسلم إليه لم تضرب للسلم أجلا يريد فساده أو قال الذي دفع الدراهم لم يضرب للسلم أجلا وقال الذي عليه السلم قد ضربنا للسلم أجلا قال القول قول من يدعي الصحة والحلال منهما ولا يلتفت إلى قول من يدعي الفساد والحرام منهما إلا أن يكون له بينة وعليه البينة فإن لم تكن له بينة أحلف الذي يدعي الصحة وكان القول قوله. قلت أرأيت إن تناقضا السلم واختلفا في رأس المال قال القول قول الذي عليه السلم. قلت أرأيت لو أني أسلمت إلى رجل في مائة إردب من حنطة فلما حل الأجل قال الذي عليه السلم لم أقبض رأس المال منك إلا بعد شهر أو شهرين أو قال كنا شرطنا أن رأس المال إنما تدفعه إلي بعد شهر أو شهرين وقال الذي له السلم بل نقدتك عند عقدة البيع والشراء قال القول قول من يدعي الصحة منهما. قلت أرأيت لو أن رجلا قال لرجل أسلمت إليك هذا الثوب في مائة إردب من حنطة وقال الآخر بل أسلمت إلي هذين الثوبين لثوبين غير الثوب الأول في مائة إردب من حنطة وأقاما جميعا البينة على ذلك قال فتصير له الأثواب الثلاثة في مائتي إردب من حنطة لأن بينة هذا شهدت على سلم غير ما شهدت به بينة هذا وكذلك الآخر. قلت فإن أقاما جميعا البينة أقام هذا على أني أسلمت إليه هذا العبد في مائة إردب حنطة وقال الآخر بل أسلمت إلي هذا العبد وهذا الثوب في مائة إردب من حنطة قال هذا يكون سلما واحدا ويكون عليه مائة إردب من حنطة بالثوب والعبد جميعا لأن بينة شهدت بالعبد والثوب جميعا شهدت بالأكثر فكان ذلك له لأن مالكا قال لو أن رجلا أقام شاهدا على خمسين وشاهدا على مائة قال يحلف مع شهاده الذي شهد له بالمائة ويأخذ المائة كلها. قال ولم أسمع من مالك المسألتين جميعا. قلت فلو على أني أقمت البينة أني أسلمت هذا الثوب إلى هذا الرجل في مائة إردب من حنطة وأقام هو البينة أني أسلمت إليه ذلك الثوب وعبدي في مائة إردب شعير قال أرى أن يتحالفا ويتفاسخا ويترادا إذا تكافت البينتان وذلك أن البينة إذا تكافت في أمر اختلف فيه المدعي والمدعى عليه فتكافت البينة كانا بمنزلة من لم تقم لهما بينة فيتحالفان ويترادان. قلت أرأيت إن اختلف المسلم إليه ورب السلم في الموضع الذي يقبض الطعام فقال المسلم إليه إنما قبضت منك دراهمك على أن أعطيك الطعام بالفسطاط وقال الذي له السلم إنما دفعت إليك على أن أقبض منك بالإسكندرية وإنما كان دفع دراهمه بالفسطاط. قال ابن القاسم إذا اختلفا هكذا نظر إلى الموضع الذي أسلم إليه فيه الدراهم فيكون عليه أن يدفع إليه الطعام في ذلك الموضع إن كان أسلم إليه بالفسطاط فعليه أن يدفع إليه بالفسطاط وإن كان أسلم إليه بالإسكندرية فعليه أن يدفع إليه بالإسكندرية وقال وإذا اختلفا في البلدان فادعى الذي عليه السلم غير الموضع الذي دفع إليه فيه الدراهم وادعى الذي له السلم غير الموضع الذي دفع إليه فيه الدراهم أيضا وتصادقا أن السلم إنما دفعه إليه في موضع كذا وكذا وليس يدعي واحد منهما أنه شرط عليه الدفع أو القبض في الموضع الذي كان فيه السلم فالقول قول البائع لأن المواضع بمنزلة الآجال وإن تباعدت المواضع حتى لا يشبه قول كل واحد منهما القبض فيه او الدفع فيه تحالفا وفسخ ما بينهما. قلت أرأيت إن أسلمت إلى رجل في طعام فلما حل الأجل اختلفت أنا والذي أسلمت إليه فقلت له إنما أسلمت إليك عشرة دنانير في مائة إردب حنطة وقال بل أسلمت إلى العشرة الدنانير في خمسين إردبا حنطة. قال قال مالك القول قول البائع. وأنا أقول من عندي إن كان لا يشبه ما قال البائع من سلم الناس نظر إلى ما قال المبتاع فإن كان ما قال يشبه سلم الناس كان القول قوله وإنما ينتقض إذا قال هذا أسلمت الي في خمسين إردب شعير وقال صاحبه بل أسلمت إليك في خمسين إردب حنطة أو قطنية أو غير ذلك فإذا اختلفت الأنواع تحالفا وترادا الثمن فأما إذا كان نوعا واحدا فاختلفا في الكيل والوزن نظرنا إلى قول البائع المسلم إليه فإن كان ما قال يشبه أن يكون سلم الناس يوم أسلم إليه فالقول قوله وإن أتى بما لا يشبه أن يكون سلم الناس يوم أسلم إليه وتبين كذبه فالقول قول المبتاع إذا أتى بما يشبه وليس اختلافهما في الكيل إذا تصادقا في النوع الذي أسلم إليه فيه كاختلافهما في الأنواع وإنما اختلافهما في الكيل إذا تصادقا في النوع الذي أسلم إليه فيه بمنزلة رجلين باع أحدهما جارية من صاحبه فماتت الجارية عند المشتري فاختلفا في ثمنها فقال المشتري اشتريتها بخمسين دينارا وقال البائع بعتها بمائة دينار قال مالك القول قول المشتري إلا أن يتبين كذبه ويأتي بما لا يشبه أن يكون ثمن الجارية يوم اشتراها فإذا أتى بما لا يشبه أن يكون ثمن الجارية يوم اشتراها كان القول قول البائع إذا أتى بما يشبه أن يكون ثمن الجارية يوم باعها. قال وقال مالك فإن لم يأت البائع بما يشبه أن يكون ثمن الجارية يوم باعها كان على المبتاع قيمتها يوم اشتراها المشتري فلما قال مالك إذا أتيا جميعا بما لا يشبه كانت عليه قيمتها يوم اشتراها المشتري وقال في الكيل إذا تصادقا في النوع الذي أسلم إليه فيه فالقول قول البائع إلا أن يأتي بما لا يشبه وإنما اختلافهما في السلم إذا اختلفا في الأنواع فقال البائع أسلمت إلي في حنطة. وقال المشتري بل أسلمت إليك في قطنية بمنزلة قول بائع الجارية بعتها منك بمائة إردب حنطة. وقال مشتريها اشتريتها منك بمائة إردب عدس فهذا إذا كانت قائمة تحالفا وترادا وإن فاتت كانت قيمة الجارية على المشتري لأن مالكا قال لي في الدنانير إذا دفعت سلما فقال هذا في حمص وقال هذا في عدس بعد حلول الأجل وقد أسلمه إلى أجل من الآجال أنهما يتحالفان ويترادان الثمن فلما رد مالك الثمن وفسخ البيع ولم يكن فوات الزمان عنده تصديقا لقول البائع كانت الجارية كذلك لم يقبل قول واحد منهما فجعلت القيمة كأنها ذهب لأنه لو باعها ثم ماتت أو عورت أو نقصت كان ضامنا لها فله نماؤها وعليه نقصانها وعليه قيمتها يوم قبضها لأنه كان ضامنا لها. قلت أرأيت ان أسلمت ثوبا في حنطة فلما حل الأجل أو كان الأجل قريبا ولم تحل أسواق الثوب ولم تتغير اختلفنا في الكيل فقلت أنا أسلمت إليك الثوب في ثلاثين إردب حنطة وقال المسلم إليه بل أسلمت إلي في عشرين إردب حنطة والثوب قائم بعينه أيكون القول قول المسلم إليه أم لا؟ قال لا ولكن يتحالفان ويترادان إذا كان الثوب قائما بعينه لم يفت بتغير أسواق ولا غير ذلك لأن مالكا قال إذا لم يفت بتغير أسواق ولا غير ذلك ولا بنماء ولا نقصان ولم يخرج من يده فالقول قول البائع ويتحالفان ويترادان إذا كان الثوب قائما بعينه فكل أجل قريب باعا إليه وتناكرا فيه وإن بعد الأجل وقبض السلعة ولم تفت بنماء ولا نقصان ولا بتغير أسواق فهو بمنزلتها أن لو كانت قائمة. فإن قال قائل بل إذا ائتمنه عليها ورضي بالأجل وزاد في الثمن فهو نادم إذا غاب عليها المشتري فإن مالكا قد قال لي غير مرة ولا عام يتحالفان ويترادان إذا قبضها المبتاع وغاب عليها ما لم تفت بتغير كما وصفت لك ولم يجعل البيع إذا قبضها المبتاع وغاب عليها ندما من البائع فلو كان يكون إذا باعها إلى أجل فاختلفا في الثمن ندما من البائع ويجعل فيه القول قول المشتري لكان بيع النقد إذا غاب عليها المشتري وقبضها ندما من البائع ولم يقل لي مالك بدين ولا بنقد إلا أنه قال لي غير مرة إذا لم تفت بنماء ولا نقصان ولا بعتاقة ولا بهبة ولا بتغير اسواق فالقول قول البائع ويترادان ولم يقل لي مالك بنقد ولا إلى أجل فهما في القياس واحد. وأصل هذا أن ينظر إلى السلعة ما كانت قائمة بعينها لم تتغير فإنهما يتحالفان ويترادان فإذا تغيرت السلعة في يدي المبتاع فصارت دينا عليه فالدين الذي صار عليه بمنزلة السلم على رجل يجوز للذي عليه السلم من القول ما يجوز لهذا الذي فاتت الجارية عنده لأن هذا قد صار دينا والسلم دين فمحملها محمل واحد إذا تصادقا في السلعة التي فاتت واختلفا في ثمنها أو اختلفا في الكيل في السلم إذا تصادقا في النوع الذي أسلم فيه فحملهمافيه محمل واحدا. قلت أرأيت إن قلت لرجل خذ لي دراهم سلما في طعام إلى أجل ففعل الرجل فأخذ لي دراهم في طعام إلى أجل وإنما أخذ ذلك لي أيلزمني السلم أم لا؟ في قول مالك قال ذلك لازم للآمر عند مالك. قال وقال لي مالك وإن اشترط المشتري على المأمور أنه إن لم يرض فلان وقد سماه له الذي أمره فأنت لبيعي ضامن حتى توفينيه إلى الأجل قال ذلك جائز ولا بأس به. قال مالك وإنما مثل ذلك مثل رجل يقول لرجل ابتع لي غلاما أو دابة بالسوق أو ثوبا فيأتي المأمور إلى من يشتري منه فيقول له إن فلانا أرسلني أشتري له ثوبا فبيعوه فقد عرفتموه فيقولون نحن نبيعه فإن أقر لنا بالثمن فأنت بريء وإلا فالثمن عليك توفيناه نقدا أو إلى أجل فهذا لا بأس به. قلت أرأيت إن أمرت رجلا يشتري لي جارية أو أمرته أن يشتري لي ثوبا ولم أسم له جنس الثوب ولم أسم له جنس الجارية فأشتري لي ثوبا أو أشتري لي جارية أيلزم ذلك الأمر. قال إن اشترى له جارية يعلم أن مثلها من خدم الآمر أو مما يصلح أن يكون من جواري الآمر جاز ذلك على الآمر قال وإنما ينظر في هذا إلى ناحية الآمر فإن اشترى له ثوبا مما يعلم أن ذلك مما يجوز على الآمر لزم ذلك الآمر وإن اشترى له جارية يعلم أن مثلها من خدم الآمر أو مما يصلح أن يكون من جواري الآمر جاز ذلك على الأمر وإن اشترى له ما ليس يشبه أن يكون من ثياب الآمر ولا من خدم الآمر لم يجز ذلك على الآمر إلا أن يشاء ويلزم ذلك المأمور وهذا قول مالك فيما بلغني. قال ولقد قلت لمالك الرجل يبضع مع الرجل في الخادم يشتريها له بأربعين دينارا فيشتريها بثلاثين دينارا أو بأكثر من ذلك ويصف له صفة الخادم قال أما إن اشتراها بأدنى وكانت على الصفة لزمه ذلك وإن اشتراها بأكثر مما أمره به وكان ذلك زيادة الدينار أو الدينارين أو ما يشبه أن يزاد على مثل ذلك الثمن لزم الآمر أيضا وغرمه وكانت السلعة للآمر إذا كانت على الصفة وإن كانت زيادة كثيرة لا يشبه أن تكون تلك الزيادة على مثل ذلك الثمن كان الآمر بالخيار إن أحب أن يعطيه ما زاد فعل وأخذ السلعة وإن أبى لزمت المأمور وغرم للآمر ما أبضع معه. قال فأرى إن كانت الزيادة كثيرة لا تشبه الثمن ففاتت السلعة أو تلفت قبل أن يرضاها الآمر أن مصيبتها من المأمور ويرجع عليه الآمر بماله وإن كانت الزيادة تشبه الثمن فمصيبتها من الآمر والزيادة له لازمة يرجع عليه بها المأمور لأن السلعة سلعته لا خيار له فيها. قلت أرأيت إن دفعت إلى رجل مالا ليسلمه لي في طعام فأسلم ذلك إلى نفسه أو إلى زوجته أو إلى أبيه أو إلى ولده أو إلى ولد ولده أو إلى أمه أو إلى جده أو إلى جدته أو إلى مكاتبه أو إلى مدبره أو إلى مدبرته أو إلى أم ولده أو إلى عبده المأذون له في التجارة أو إلى عبيد ولده الصغار الذين هم في حجره أو إلى عبيد زوجته أو إلى عبيد أحد من هؤلاء الذين سألتك عنهم قال لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى ذلك جائزا كله ما خلا نفسه أو ابنه الصغير أو أحدا ممن يليه في حجره من يتيم أو سفيه أو ما أشبه هؤلاء ما سوى هؤلاء ممن سألت عنه فأرى السلم جائزا إذا لم تعرف في ذلك محاباة منه وعرف وجه الشراء بالصحة منه. قلت فإن أسلم ذلك إلى شريك له مفاوض قال أرى أن ذلك غير جائز لأنه إذا أسلم إلى شريكه المفاوض فإنما أسلم إلى نفسه. قلت فإن أسلم ذلك إلى شريك له شركة عنان ليست شركة مفاوضة؟ قال لا بأس بذلك. قلت أرأيت إن وكلت وكيلا يسلم لي في طعام فأسلم ذلك إلى نصراني أو يهودي؟ قال لا بأس بذلك. قلت أرأيت إن وكلت ذميا في أن يسلم لي في طعام أو إدام أو رقيق أو حيوان فدفعت إليه الدراهم قال قال مالك لا تدفع إلى النصراني شيئا يبيعه لك ولا يشتري لك شيئا من الأشياء ولا تستأجره على أن يتقاضى لك شيئا ولا تبضع معه ولا يجوز شيء مما يصنه النصراني للمسلمين في بيع ولا شراء إلا أن يستأجره للخدمة فإما أن يستأجره يتقاضى له أو يبيع له أو يشترى له فلا يجوز ذلك. قال وكذلك عبدك النصراني لا يجوز لك أن تأمره أن يشتري لك شيئا ولا يبيعه ولا يتقاضى لك. قال مالك ولا ينبغي للمسلم أن يمنع عبده النصراني أن يشرب الخمر أو يأكل الخنزير أو يبيعها أو يبتاعها أو يأتي الكنيسة لأن ذلك من دينهم. قال قلت لمالك هل يشارك المسلم النصراني؟ قال لا إلا أن لا يوكله يبيع شيئا ويلي المسلم البيع كله فلا بأس بذلك. قال فقلت لمالك أيساقي المسلم النصراني؟ قال لا بأس بذلك إن كان لا يعصره خمرا. قال ابن القاسم يريد مالك بقوله أن لا يوكله أن لا يغيب على بيع ولا شراء إلا بحضرة المسلم. قال مالك ولا أحب للرجل المسلم أن يدفع إلى النصراني مالا قراضا ولا يأخذ المسلم من النصراني مالا قراضا. قلت أرأيت إن وكلت عبدا مأذونا له في التجارة أو محجورا في أن يسلم في طعام ففعل قال أرى ذلك جائزا. قلت أرأيت إن وكلت رجلا في أن يسلم لي في طعام فوكل الوكيل وكيلا غيره قال أراه غير جائز. قلت أرأيت إن وكلت رجلا في أن يبيع لي طعاما أو سلعة فباعها بطعام أو شعير أو باع الطعام بعرض من العروض نقدا وانتقد الثمن أيجوز ذلك على الآمر في قول مالك قال ابن القاسم أحب إلي أن يكون المأمور ضامنا إذا باع بغير العين ويباع ذلك عليه فإن كان في قيمتها وفاء فيكون ذلك للآمر وإن كان نقصان فعلى المأمور بما تعدى إلا أن يحب الآمر أن يجيز البيع ويأخذ الثمن فذلك له وقال غيره إلا أن يشاء الآمر أن يقبض ثمن ما بيع له إن كان عرضا أو طعاما. قلت وكذلك إن أمره أن يشتري له سلعة من السلع فاشتراها له بعرض من العروض أو بحنطة أو شعير أو بشيء مما يوزن أو يكال سوى الدنانير والدراهم؟ قال لا يجوز ذلك على الآمر وهو بالخيار إن شاء أن يدفع إليه كل ما اشتراى له به ويأخذها فذلك له. قلت فإن باع ما أمره به أن يبيع أو اشترى ما أمره به أن يشتري بالفلوس قال الفلوس في رأيي بمنزلة العروض إلا أن تكون سلعة خفيفة الثمن إنما تباع بالفلوس وما أشبه ذلك فالفلوس فيها بمنزلة الدنانير والدراهم لأن الفلوس ها هنا عين. قلت أرأيت إن دفعت إلى رجل دراهم في أن يسلفها لي في ثوب هروي فأسلمها في بساط شعر أيكون لي أن أتبع الذي أخذ الدراهم الذي أسلمت إليه في بساط شعر في قول مالك؟ قال لا لأن الدراهم لما تعدى عليها المأمور وجبت دينا للآمر على المأمور والبيع لازم للمأمور فليس للآمر على البائع قليل ولا كثير وليس له أن يفسخ البيع الذي بين المأمور والبائع. قلت أرأيت إن أراد الآمر أن يأخذ البساط الشعر ويقول أنا أجيز ما فعل المأمور وإن كان قد تعدى أيكون ذلك له في قول مالك قال قال مالك ليس ذلك له لأنه لما تعدى أمر صاحبه صار ضامنا للدراهم التي دفع إليه فلما صار ضامنا صار دينا عليه فلا يجوز له أن يفسخ دينه الذي وجب له على المأمور في سلعة تكون دينا فيصير هذا الدين بالدين. قلت وكذلك إن أمرت رجلا أن يسلم لي في جارية ولم أسم جنس الجارية أو يسلم لي في ثوب ولم أسم جنس الثوب ولم أدفع إليه الدراهم فأسلم لي في جارية لا تشبه أن تكون من خدمي أو أسلم لي في ثوب لا يشبه أن يكون من ثيابي فلما بلغني ذلك رضيت بذلك أيجوز هذا في قول مالك قال أرى أنه جائز إذا نقد الثمن ولا يكون هذا من الدين بالدين ولا تشبه هذه المسألة الأولى لأن هذا لم يدفع إلى المأمور شيئا يكون على المأمور دينا بالتعدي فلما كان المأمور متعديا لم يكن على الآمر شيء من الثمن دينا مما دفع المأمور في ثمنها فلما أخبره بذلك كان الآمر مخيرا إن شاء دفع الثمن وأخذ ما أسلف له فيه وإن شاء تركه. ولا يجوز في هذه المسألة أن يؤخره بثمنها وإن رضي بذلك المأمور والآمر جميعا لأن المأمور لما تعدى لم يكن على الآمر شيء من الثمن فإن رضي الآمر والمأمور أن تكون السلعة للآمر ويؤخر الثمن كان دينا بدين وكان بيعا مستأنفا ولا يجوز للآمر إن رضي إلا أن ينقد الثمن. ألا ترى أن السلعة التي أسلم فيها المأمور إنما وجبت له فصارت دينا للمأمور فإن رضي الآمر أن يختارها بالثمن ويؤخره صار دينا في دين فلا يجوز ذلك. قلت أرأيت إن دفع الآمر إلى المأمور الثمن والمسئلة على حالها فزاد المأمور من عنده زيادة معلومة يعلم أن تلك الزيادة لا تكون على مثل هذا الثمن أو أسلم له في غير ما أمره به فأراد الآمر أن يأخذ تلك السلعة التي أسلم له فيها المأمور ويزيده ما زاد المأمور في ثمنها أله أن يأخذ السلعة التي أسلم فيها برأس المال الذي تعدى المأمور فيه قال قال مالك أما السلعة التي أسلم له رأس ماله فيها وهي غير ما أمره به فإن ذلك لا يجوز وهو من وجه الدين بالدين لأنه حين تعدى وأسلم له في غير سلعته كان قد ضمن لرأس ماله فإذا صرف رأس ماله في سلعة إلى أجل كان ذلك دينا بدين. قال ابن القاسم فأنا أرى أنه إذا زاد على الثمن حتى يكون ضامنا ويلزم المأمور أداء الثمن كان بمنزلة السلعة التي تعدى ما أمره الآمر فيها ولم يزد على رأس مال الآمر شيئا لأنه قد ضمن له رأس ماله يدفعه إليه نقدا حين زاد ما لم يأمره فصار كأن الآمر يأخذ منه سلعته إلى أجل بذهب قد وجبت له على المأمور وذهب يزيده إياها معها فهذا الدين بالدين. قلت أرأيت لو أمرت رجلا أن يسلم لي عشرة دنانير في قمح ويكون الثمن من عنده حتى أدفعها إليه فأسلم لي في عدس أو في حمص فرضيت بذلك ودفعت إليه الثمن مكانه؟ قال لا بأس بذلك وليس يشبه ما دفعت إليه ثمنه فتعدى فيه لأن ذلك إن أخرته كان دينا بدين ولأنه إذا أسلفك من عنده فتعدى فأخذته ودفعت إليه الثمن كان لولية لأنه لم يلزمه شيء تعدى لك فيه ولا صرف فيه ذهبك. قال وقال مالك ولو أن رجلا أبضع مع رجل في ثوبين فسلف الرجل البضاعة في طعام لم يجز للآمر أن يأخذ ذلك الطعام قال مالك لأنه عندي من وجه الدين بالدين وبيع الطعام قبل أن يقبض. قال ابن القاسم وهذا من بيع الطعام قبل أن يستوفي لا شك فيه لأنه إنما وجب الطعام حين تعدى المأمور للمأمور فليس له أن يبيعه حتى يقبضه. قلت أرأيت إن دفعت إلى رجل ثوبا ليبيعه لي بدراهم فذهب فأسلفه في طعام أو عرض إلى أجل قال قال مالك إن كان أسلمه في عرض بيع ذلك العرض بنقد فإن كان فيه وفاء بما أمره به أو فضل عن ذلك كان لصاحب الثوب وإن كان فيه نقصان كان على المأمور بما تعدى. قال وقال مالك وإن كان طعاما أخذ من المأمور ما أمره به صاحب الثوب من الثمن إن كان أمره أن يبيعه بعشرة دراهم أخذ منه عشرة دراهم وإن كان لم يأمره بثمن معلوم أخذ منه قيمته فدفع إلى صاحبه ثم استؤنى بالطعام فإذا حل الأجل استوفى ثم يبيع فإن كان فيه فضل عما دفع إلى الآمر صاحب السلعة من مال المأمور كان الفضل للآمر أيضا. وإن كان كفافا دفع إلى المأمور وإن كان نقصانا كان على المأمور بما تعدى. قلت أرأيت إن كان المأمور لم يسلم الثوب في شيء ولكن باعه بدنانير أو بدراهم إلى أجل قال قال مالك تباع تلك الدنانير أو تلك الدراهم بعرض معجل ثم يباع العرض بعين فإن كان فيه وفاء ما أمره به الآمر من الثمن الذي أمره أن يبيع به ثوبه فذلك للآمر وإن كان فيه فضل أيضا فذلك الآمر وإن كان فيه نقصان فذلك على المأمور بما تعدى. قلت وهذا قول مالك؟ قال نعم. قلت فإن كان لم يأمره بثمن مسمى قال ينظر إلى قيمة الثوب يوم تعدى فيه وباعه بالدين فيعمل في قيمته مثل ما وصفت لك في ثمنه. قال فقلنا لمالك فلو أن رجلا دفع إلى رجل سلعة وأمره أن يبيعها له إلى أجل فباعها المأمور بنقد قال مالك ينظر إلى قيمة السلعة الساعة فإن كان ما باعها به المأمور مثل قيمتها كان ذلك للآمر وإن كان فيما باعها به المأمور فضل عن قيمتها كان ذلك أيضا للآمر وإن كان فيما باعها به المأمور نقصان عن قيمتها ضمن تمام القيمة للآمر بما تعدى لأنه أمره أن يبيع إلى أجل فباع بالنقد ولا ينظر إلى شيء من الأجل. قلت أرأيت إن كان أمره أن يبيعها بثمن قد سماه له إلى أجل فباعها بالنقد قال هو في هذا إن سمى الثمن أو لم يسم الثمن فهو سواء وعليه القيمة بما تعدى إلا أن يكون ما باع به السلعة من الثمن أكثر من قيمتها نقدا فيكون ذلك لرب السلعة قال ولقد سألت مالكا عن الرجل يعطي الرجل السلعة يبيعها له بثمن سماه له فيبيعها له بعشرة دنانير فيأتيه صاحب السلعة بعد ما باعها فيقول له لم آمرك إلا باثني عشر ويقول المشتري إنما أنت نادم وقد أقررت أنك أمرته ببيعها فمن يعلم أنك قد أمرته باثني عشر ويقول المأمور ما أمرتني إلا بعشرة دنانير أو فوضت إلي اجتهادي. قال قال مالك يحلف صاحب السلعة بالله الذي لا إله إلا هو ما أمره إلا باثني عشر ويأخذ سلعته إن كانت لم تفت فإن فاتت حلف المأمور بالله الذي لا إله إلا هو ما أمره إلا بعشرة أو فوض إليه بالاجتهاد ولا يكون عليه للآمر شيء إذا فاتت. قلت أرأيت إن دفعت مائة دينار إلى رجل يسلمها لي في طعام فصرفها دراهم أيضمن أم لا؟ قال إن كان إنما صرفها نظرا للآمر وعرف ذلك منه فكانت الدراهم أرفق بالآمر لأن المواضع مختلفة ومن المواضع مواضع الدراهم فيها أفضل وربما كان المسلم إنما يسلم إلى رجل نصف دينار وإلى آخر ثلث دينار وإلى آخر ربع دينار حتى يجتمع من ذلك الطعام الكثير أو يكون البلد إنما بيعهم بالدراهم والدراهم بها أنفق والناس عليها أحرص فإذا كان هكذا رأيت أن لا ضمان عليه ولا أرى به بأسا وأرى الطعام للآمر وإن كان إنما صرفها متعديا على غير ما وصفت لك ثم أسلم الدراهم في الطعام رأيته ضامنا للدنانير والطعام للمعتدى ولا يصلح لهما وإن رضيا جميعا أن يجعلا الطعام للآمر إلا أن يكون المأمور قد قبض ذلك الطعام فيكون الآمر بالخيار إن أحب أن يأخذه أخذه وإن أحب أن يضمنه ذهبه ضمنه إياها. قلت أرأيت إن وكلت رجلا يسلم لي في طعام ففعل فلما حل الأجل أتيت إلى الذي عليه السلم لأقبض منه الطعام فمنعني وقال لي لم تسلم إلي أنت شيئا ولا أدفع الطعام إلا إلى الذي دفع إلي الثمن قال قال مالك إن كان الاشتراء قد ثبت للآمر ببينة تقوم أن المأمور إنما اشترى هذا الطعام للآمر لزم البائع أن يدفع ذلك الطعام إلى الآمر ولم يكن له في ذلك حجة وإن لم يكن دفع ذلك ببينة كان المأمور أولى بقبضه من الآمر. قلت فإن دفع الطعام إلى الآمر أيبرأ في قول مالك. ؟ قال نعم. قلت ويدفع الطعام إلى الآمر إذا قامت له البينة كما ذكرت في قول مالك؟ قال نعم وإن كان لم يحضره المأمور. قلت أرأيت إن أسلمت في طعام إلى أجل وأخذت رهنا بذلك الطعام فهلك الرهن قبل الأجل أيبطل حقي في قول مالك قال إنما أخذت رهنا في سلم في قول مالك فهلك عندك الرهن قبل محل الأجل فإن كان الرهن حيوانا دواب أو رقيقا أو دواب أو غير ذلك فلا ضمان عليك ولك الطعام على صاحبك إلى أجله وإن كان الرهن لما يغاب عليه ثيابا أو عروضا آنية أو غير ذلك من العروض أو دنانير أو دراهم فهلك الرهن فسلمك عليه إلى أجله وأنت ضامن لقيمة رهنه وإن كنت إنما أسلمت في ثياب أو عروض أو حيوان فهلك الرهن الذي أخذته قبل محل الأجل فأردت أن تقاصه بما صار عليك من قيمة الرهن بالذي لك عليه من سلمك فلا بأس بذلك إذا لم يكن الرهن ذهبا أو ورقا فإن كان الرهن ذهبا أو ورقا فلا خير فيه إلا أن يكون رأس مال السلم غير الذهب والورق وإن كنت إنما أسلمت الذهب والورق في طعام فأخذت رهنا فهلك الرهن عندك والرهن ثياب أو عرض سوى الحيوان والدور والأرضين فأنت ضامن لقيمة الرهن وسلمك عليه إلى أجله ولا يصلح لك أن تقاصه من سلمك بما صار له عليك من قيمة الرهن لأن هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى. قلت وكذلك إن حل الأجل لم يصلح أن تقاصه أيضا بما صار له عليك من قيمة الرهن بما لك عليه من الطعام الذي لك عليه من السلم؟ قال نعم لا يصلح لأن هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى وليس هذا بإقالة ولا شرك ولا تولية إنما هذا بيع طعام لك عليه من سلم وإن كان قد حل طعامك عليه بدين وجب له عليك من قيمة متاع له. قلت أرأيت إن ارتهنت تمرا في رؤس النخل في سلم أسلمته في طعام أو غير ذلك فهلكت الثمرة في رؤس النخل؟ قال لا شيء عليك في قول مالك وسلمك في الطعام على حاله وهو لك إلى أجله. قلت وكذلك الزرع قبل أن يحصد في قول مالك إذا أخذته رهنا في قول مالك؟ قال نعم. قلت فالحيوان والدور والأرضون والثمار والزرع مثل هذا إذا ارتهنته في قول مالك فمات الحيوان أو أصاب الثمر والزرع جوائح فهلك ما قبضه المرتهن فإنما هذا من الراهن؟ قال نعم لأن هذا عند مالك ظاهر الهلاك معروف. قلت فإن كان زرعا لم يبد صلاحه أو تمرا لم يبد صلاحه فلا بأس أن يرتهنه في سلم له على رجل في طعام أو غير طعام؟ قال نعم. قلت وكذلك لو ارتهنته أيضا قبل أن يبدو صلاحه في دين أقرضته فلا بأس بذلك في قول مالك؟ قال نعم. قلت وإن هلك ما ارتهن بعد ما قبضه أو قبل أن يقبضه فهو من الراهن في قول مالك؟ قال نعم. قلت وكذلك العروض كلها التي يغيب عليها الرجل إن ارتهنها إن قبضها وغاب عليها صاحب الحق فهلكت فهي في ضمان المرتهن؟ قال نعم إلا أن يكونا وضعاها على يدي رجل ارتضياه فهلكت فهي من الراهن إذا كان الرهن على يدي غير المرتهن. قلت فإن ارتهن هذه العروض التي إن غاب عليها ضمنها إن هلكت فلم يغب عليها وفارق صاحب الرهن المرتهن ولم تفارقه البينة حتى هلك الرهن قال قال مالك هو من الراهن لأنه لم يغب عليه المرتهن إذا كانت له البينة إنه لم يغب عليه. قلت أرأيت إن أسلمت في طعام إلى أجل وأخذت به رهنا طعاما مثله قال قال مالك في الدنانير إذا تواضعاها فلا بأس به أو ختماها عند المرتهن خوفا من أن ينتفع بها المرتهن فيرد مثلها فيدخله بيع وسلف. قلت وكذلك لو كان الطعام من غير الصنف الذي أسلم فيه؟ قال نعم خوفا من أن ينتفع به المرتهن ويرد مثله فيصير سلفا وبيعا وهذا لا يصلح قال وإنما قال لي مالك هذا في الذهب والفضة وهذا مثله. قلت أرأيت إن أسلمت إلى رجل في طعام مضمون موصوف وأخذت به كفيلا أو رهنا أو أخذت كفيلا ورهنا جميعا أيجوز ذلك في قول مالك قال ذلك جائز. قلت أرأيت إن أسلمت إلى رجل في طعام وأخذت منه رهنا فمات المسلم إليه قبل أجل السلم قال إذا مات فقد حل الأجل. قلت وهو أولى برهنه من الغرماء حين يستوفى حقه؟ قال نعم. قلت فإن مات الذي له السلم قبل محل أجل السلم هل يحل أجله؟ قال لا يحل أجله ويكون ورثته مكانه ويكون الرهن في أيديهم إلى أجله فإذا حل الأجل دفع الطعام إلى الورثة وأخذ رهنه. قلت أرأيت إن أسلفت مائة دينار في ثياب موصوفة إلى أجل وأخذت منه كفيلا قبل محل الأجل على ثياب أو عرض من العروض أو طعام أو دراهم أو دنانير قال إن كان باع الكفيل إياها بيعا والذي عليه الدين حاضر حتى لا يكون للكفيل على البائع إلا ما عليه فلا بأس به إذا باعها بما يحل وإن كان صالحه بأمر يكون البائع عليه فيه بالخيار إن شاء أجاز صلحه وإن شاء أعطاه ما له عليه فلا خير فيه. قلت فإن كان صالحه الكفيل لنفسه على ثياب قال إن صالحه قبل محل الأجل على ثياب مثل الثياب التي عليه في صفتها وعددها فلا بأس به وإن كانت أكثر أو أقل أو أجود رقاعا أو أشر فلا خير فيه. قلت أرأيت رجلا أسلف رجلا مائة دينار إلى أجل وأخذ منه كفيلا فصالح الكفيل الغريم قبل محل الأجل أو بعد محل الأجل على طعام أو ثياب قال إن كان ما صالح عليه الكفيل أمرا يكون فيه الذي عليه الحق مخيرا إن شاء دفع إليه ما صالحه عليه وإن شاء دفع إليه ما كان عليه فلا خير فيه وإن كان ما صالحه يكون ذلك يرجع إلى القيمة لأنه لا يوجد مثله من الثياب والرقيق والدواب فأراه جائزا لأنه كأنه قضاه دنانير لأن ذلك يرجع إلى قيمة الذي عليه إن كان الذي عليه دنانير فيدفع إليه الأقل وإن كان الذي عليه عرضا أو حيوانا فلا خير فيه. قلت لم لا يجوز أن يصالح الكفيل على ثياب من صنف التي أسلم فيها أقل منها أو أكثر قال لأن الثوب بالثوبين مثله إلى أجل ربا. قال ألا ترى أنه إن صالح الكفيل على ثوبين من نوع ما أسلف فيه وإنما له على الذي أسلم إليه ثوب واحد فقد باع ثوبا إلى أجل بثوبين من نوعه فلا يجوز وإن كان السلم ثوبين فلا يصالح الكفيل على ثوب لأنه إذا فعل ذلك فقد باع الكفيل ثوبين إلى أجل بثوب من نوعه نقدا وهذا الربا بعينه. قلت هذا قد علمته إذا كان السلم ثوبين فأخذ من الكفيل ثوبا قبل محل الأجل أنه ربا لم كرهه إذا كان السلم ثوبا إلى أجل فأخذ من الكفيل ثوبين نقدا قال لأنه لا ينبغي للرجل أن يدفع ثوبين إلى رجل نقدا في ثوب من نوعهما إلى أجل لأنه إنما زاده الثوب على أن يضمن له الثوب الآخر إلى محل الأجل فهذا لا يصلح وكذلك الكفيل مثل هذا. قال وقال مالك وإن أخذ من الكفيل ثوبا قبل محل الأجل هو أرفع من الثوب الذي على الغريم إذا كان من صنفه لم يصلح لأنه إنما زاده على أن وضع عنه الضمان. قلت أرأيت إن أسلمت إلى رجل في حنطة إلى أجل وأخذت منه كفيلا بم يجوز لي أن أصالح الكفيل في قول مالك قبل محل الأجل؟ قال لا يجوز لك أن تصالح الكفيل قبل محل الأجل بشيء من الأشياء إلا أن تأخذ منه مثل رأس مالك الذي أسلفت إليه تولية توليه إياها أو إقالة برضا الذي عليه السلم أو مثل طعامك الذي أسلفت فيه. قلت ولا يجوز لي أن آخذ من الكفيل سمراء إذا كان السلم حنطة محمولة؟ قال لا. قلت وكذلك لا يجوز لي أن آخذ منه إذا كان السلم حنطة سمراء فلا يجوز لي أن آخذ منه محمولة أو شعيرا؟ قال نعم لا يجوز ذلك ولا يجوز لك أن تأخذ من الكفيل قبل محل الأجل ولا بعد محل الأجل إلا مثل حنطتك التي شرطت. قلت والذي عليه السلم أي شيء يجوز لي أن آخذ منه قبل محل الأجل؟ قال لا يجوز لك أن تأخذ منه قبل محل الأجل إلا حنطة مثل حنطتك التي أسلفت فيها أو رأس مالك بعينه. قلت فإن أخذت من الذي عليه السلم سمراء وكانت محمولة أو شعيرا أو سلتا أخذت محمولة وكانت سمراء وذلك قبل محل الأجل؟ قال لا يجوز ذلك. قلت والكفيل والذي عليه السلم قبل محل الأجل هم.
|